صفحات من تاريخ مصر

مدينة دمياط /2

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم المهندس: طارق بدراوى

تناولنا في مقالنا الأول عن مدينة دمياط التعريف بها وبموقعها وكيفية الوصول إليها وبنشاط أهلها وسكانها والحرف التي يمتهنونها وتكلمنا أيضا عن أهم المعالم والآثار بها وألقينا الضوء علي مدينة دمياط الجديدة التي تعتبر التوسع العمراني الطبيعي للمدينة الأم ونوهنا علي أننا سنتناول في هذا المقال تاريخ مدينة دمياط حيث أنها تعد من أقدم المدن المصرية ويعود تاريخ بدايتها إلي العصر الفرعوني فتعالوا بنا نبدأ مع تاريخ مدينة دمياط وذلك علي النحو التالي :-
— العصر الفرعوني حيث يذكر بعض المؤرخين وعلماء الآثار أن الوجه البحري كان مقسما إلي 20 مقاطعة وكانت دمياط هي المقاطعة السابعة عشر وإسمها المصري القديم تامحيت أي بلد الشمال أو تم أتي بمعني مدينة المياه أو مدينة مجري الماء
— العصر اليوناني حيث دخلت دمياط في الحكم الإغريقي ضمن المدن المصرية وذلك منذ أن فتح الإسكندر الأكبر مصر عام 332 ق.م وأعقبه في حكمها خلفاؤه البطالمة إلي أن إحتلتها الدولة الرومانية عام 30 ق.م وقد زادت العلاقات التجارية والثقافية بين دمياط والشعب اليوناني حيث نزح عدد كبير من العلماء والكتاب والسائحين الذين إهتموا بدراسة التاريخ المصري والآثار والعادات والتقاليد وظلت تحت الحكم الإغريقي لمده ثلاثة قرون وأطلق عليها إسم تامياتس ومما يذكر أنه في هذا العصر حدثت معركة قرب دمياط بين حاكم مقدونيا برديكاس وقوات بطليموس الأول للإستيلاء علي رفات الإسكندر الأكبر ونقله الي مقدونيا ليدفن هناك وقد إنتصر فيها بطليموس الأول
— العصر الروماني وفي هذا العصر إتخذ الرومان من دمياط حقلا يمدهم بالغلال والكتان وسائر الحاصلات الزراعية وتم زيادة الضرائب علي السكان مما أدى إلي زيادة السخط علي الرومان وجعل الثورات تشتعل ضدهم ولما دخلت المسيحية مصر إنتشرت الكنائس في دمياط وخاصة في عهد الإمبراطور قسطنطين عام 325 م وكانت بها أسقفية كبيرة لها أسقف يمثلها في المؤتمرات الدينية العالمية وتحولت تامياتس إلي تاميات ويقال إن معناها بالمصرية القديمة الأرض الشمالية التي تنبت بنبات الكتان
— الفتح الإسلامي وذلك بداية من فتح مصر علي يد الصحابي الجليل عمرو بن العاص وتحريرها من الرومان وحتي بداية العصر الأموى حيث أصبحت مصر قبيل منتصف القرن السابع الميلادي ولاية عربية خاضعة للحكم العربي ودخل الإسلام إليها ولقد قام المقداد بن الأسود من قبل جيوش عمرو بن العاص بفتح دمياط حيث سيطر العرب علي منافذ النيل علي البحر المتوسط عام 642م وبدأ أهل دمياط يتقربون إلي العرب المهاجرين إليها من شبه الجزيرة العربية ورجال الجيش الفاتح وأطلق العرب علي الوجه البحري إسم أسفل الأرض ثم عربوا الكثير من أسماء المدن فسارت تاميات تتسمي بإسم دمياط وبدأ أهل دمياط يدخلون في الإسلام وأخذ سكانها يتعلمون اللغة العربية وكان لفتح دمياط قصة تتلخص في أنه لما قدم المسلمون إلى أرض مصر كان على دمياط رجل من أخوال المقوقس عظيم القبط في مصر يقال له الهاموك ولما دخل عمرو بن العاص حصن بابليون ثم أتم فتح الإسكندرية وطرد منها الرومان بعد هزيمتهم تحصن الهاموك بدمياط ولم يعقد الصلح مع المسلمين وإستعد للحرب فأنفذ إليه عمرو بن العاص المقداد بن الأسود في طائفة من المسلمين فحاربهم الهاموك وقتل أحد أبنائه في الحرب فعاد إلى دمياط التي حاصرها المسلمون فجمع الهاموك إليه أصحابه وإستشارهم في الأمر وكان عنده حكيم قد حضر الشورى فأشار عليه بأن يعقد مع القوم صلحا ينالون به الأمن وحقن الدماء فلم يعبأ الهاموك بقوله وغضب منه وقتله وكان للهاموك إبن عاقل إسمه شطا وله دار ملاصقة لسور المدينة فخرج إلى المسلمين في الليل ودلهم على مداخل وطرقات البلد فإستولى المسلمون عليها وتمكنوا منها وبرز الهاموك للحرب فلم يشعر بالمسلمين إلا وهم يكبرون على سور البلد وقد سيطروا عليها فعندما رأى شطا بن الهاموك المسلمين فوق السور لحق بهم ومعه عدد من أصحابه ففت ذلك في عضد أبيه وتسلم المسلمون دمياط وإستخلف المقداد عليها وأرسل بخبر الفتح إلى عمرو بن العاص وخرج شطا وقد أسلم إلى قرى البرلس والدميرة وأشمون طناح بجوار دمياط فحشد أهل تلك النواحي وقدم بهم مددا للمسلمين وعونا لهم على عدوهم وسار بهم مع المسلمين لفتح تنيس عند الزقازيق حاليا فبرز لأهلها وقاتلهم قتالا شديدا حتى قتل رحمه الله في المعركة شهيدا بعدما ادأبلي بلاءا حسنا فيهم وقتل منهم فحمل من المعركة ودفن في مكانه الذى قتل فيه خارج دمياط في أول الطريق مابين دمياط وبورسعيد حاليا والذى أصبح يسمي منذ ذلك اليوم بقرية شطا وكان قتله في ليلة الجمعة النصف من شعبان فلذلك صارت هذه الليلة من كل سنة موسما يجتمع الناس فيها من جميع النواحي والجهات عند قرية شطا ويحيونها وهم على ذلك حتي يومنا هذا
— عصر الدولة الأموية وما زالت دمياط بيد المسلمين إلى أن نزل عليها الروم في سنة تسعين من الهجرة في عهد الخليفة الأموى الوليد بن عبد الملك فأسروا خالد بن كيسان وكان على البحر هناك وسيروه إلى ملك الروم فأنفذه إلى أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك من أجل الهدنة التي كانت بينه وبين الروم وقد تعرضت دمياط بعد ذلك لغارتين من غارات الروم الأولي عام 91 هجرية الموافق عام 709م والثانية عام 109 هجرية الموافق عام 728م ولكن باءت هاتان الغارتان بالفشل كما كان التعسف من قبل الولاة الذين أرسلهم الخلفاء الأمويين إلي مصر سببا لإندلاع أول ثورة عام 107 هجرية الموافق عام 726م والتي كان أشدها الثورة التي إندلعت من بلبيس بمحافظة الشرقية حاليا وحتي دمياط
— عصر الدولة العباسية حيث فى عهد الخليفة العباسي أبو الفضل جعفر المتوكل على الله في عام 238 هجرية الموافق عام 852م قام الروم بغزو بحرى مفاجئ من جهة دمياط إذ بعثوا بثلاثمائة مركب وخمسة آلاف جندى إلى دمياط وقتلوا من أهلها خلقا كثيرا وحرقوا المسجد الجامع والمنبر وأسروا نحو ستمائة إمرأة مسلمة وأخذوا كثيرا من المال والسلاح والعتاد وفر الناس أمامهم وتمكن الجنود الرومان من العودة إلى بلادهم منتصرين
— العصر الأيوبي ففي عام 1170م وصل الفرنجة إلي دمياط خلال الحملة الصليبية الثالثة وحاصروا المدينة برا وبحرا وأرسل صلاح الدين الأيوبي إليها الجند عن طريق النيل وأمدهم بالسلاح والذخيرة والمال ووعدهم بالإمداد بالرجال إن نزلوا عليهم وبالغ في العطايا والهبات فلما نزل الإفرنج عليها واشتد زحفهم وقتالهم عليها أخذ يشن عليهم الغارات من خارجها والعسكر وأهلها يقاتلونهم من داخلها فإنتصر عليهم فرحلوا عنها خائبين وقتل من رجالهم عدد كبير كما خرج السلطان نور الدين محمود من دمشق لقتالهم فإضطروا للرحيل بعد أن أغرق لهم عدد من المراكب وفقدوا الكثير من عتادهم وتفشي بينهم المرض وفي يوم 30 مايو عام 1218م وصلت طلائع الحملة الصليبية الخامسة بقيادة جان دي برين أمام دمياط وإستطاعت الحملة الإستيلاء عليها ونجحوا في ذلك لمدة 16 شهرا وبعد أن تم الإستيلاء علي دمياط وتحصينها تقدموا لمنازلة جيش الملك الكامل الذي تجمع أمام المنصورة وكان يفصل بين الجيشين فرع دمياط وبحر أشمون وقطع الملك الكامل الطريق بين الفرنجة ودمياط وشيد تحصينات قوية علي النيل جنوب دمياط وطلب الفرنجة الصلح علي أن يخرجوا من دمياط والبلاد كلها سالمين ورحل الفرنجة إلي بلادهم ودخل الملك الكامل دمياط وأرسلت البشائر بتحرير دمياط إلي جميع الدول الإسلامية وقد عاود الصليبيون مرة أخرى غزو مصر عن طريق دمياط علي رأس حملة صليبية أخرى بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا وصلت إلي شواطئ دمياط في يوم 4 يونيو عام 1249م وضرب شعب دمياط أروع الأمثلة في البطولة والتضحية والفداء في مقاومة الحملة الصليبية حتى توالت الهزائم علي جيوش الفرنجة في فارسكور ثم في المنصورة وتم أسر لويس التاسع ملك فرنسا وكبار قادته وتم سجنهم في دار القاضي ابن لقمان بالمنصورة وإفتدى نفسه ورجاله بمبلغ 400 ألف جنيه مقابل الجلاء عن دمياط ولقد تم الجلاء في يوم 8 مايو عام 1250م وأصبح هذا اليوم عيدا قوميا للمحافظة يتم الإحتفال به كل عام
— عصر المماليك وكانت خلاله دمياط ميناء رئيسي إهتموا به مثل ميناء الإسكندرية وأقاموا به التحصينات الدفاعية والقلاع والحصون خشية تعرض مصر لأى إعتداء خارجي من جهة دمياط مثلما حدث في العصر الأيوبي السابق لعصرهم من جانب الحملات الصليبية المتعددة التي تعاقبت وحاولت دخول مصر من هذا الإتجاه
— عهد محمد علي باشا وأسرته حيث كانت دمياط يوم أن تولي محمد علي باشا حكم مصر عام 1805م أهم الثغور المصرية وأعظمها تجارة وبلغ تعداد سكانها 30 ألف نسمة وكانت المخزن الرئيسي الكبير للغلال والكتان وسائر الحاصلات الزراعية وأنشئت بها الترع والجسور كما أنشئ بها مصنع للغزل والنسيج وإلي دمياط تم نفي الزعيم المصري عمر مكرم وقد زار محمد علي باشا دمياط عام 1818م وفي عهد الخديوى توفيق فنتيجة زيادة المساحات المنزرعة قطنا أن تم حفر الرياح التوفيقي لتوصيل مياه الرى إلي أراضيها الزراعية البعيدة عن النيل وفي ظل الثورة العرابية وبعد مظاهرة عابدين في عهد الخديوى توفيق في شهر سبتمبر عام 1881م أيضا وتأليف شريف باشا الوزارة الجديدة جرت محاولة لإبعاد زعماء الثورة العرابية عن العاصمة فكانت دمياط من نصيب أحد زعمائها وهو عبد العال حلمي والذي ظل منفيا في دمياط طوال الثورة العرابية ومع إنتهاء القرن التاسع عشر الميلادى وبداية القرن العشرين وكان الإحتلال الإنجليزي مايزال جاثما علي البلاد ومع هذا أخذت دمياط تسير رويدا في موكب الحضارة الحديثة كما كان لتوقف التجارة وتعطيل الملاحة نتيجة نشوب الحرب العالمية الأولي والتي نشبت مابين عام 1914م وعام 1918م وإنقطاع الموارد من الأثاث والأحذية والمنسوجات والمصنوعات الأوروبية عموما أن نشطت مصانع دمياط اليدوية وأتقنت صناعتها وتم في عام 1920م في عهد السلطان فؤاد قبل أن يصبح ملكا إنشاء أول مصنع للحرير بها وقد دخلت دمياط في عداد المديريات في مصر عام 1954م بعد قيام ثورة 23 يوليو عام 1952م ثم أصبحت محافظة وذلك بعد صدور القرار الجمهوري رقم 1755 لعام 1960م في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وهو القانون الخاص بالإدارة المحلية وتقسيم الجمهورية إلي محافظات وتحديد حدود كل محافظة والمراكز التابعة لها

13221740_10207732748614531_5207715308136557288_n 13220957_10207732747494503_4657582696065396101_n 13232902_10207732748014516_7015994223139305219_n

Related Articles

Back to top button